کد مطلب:323822 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:370

سلام جارودی و الفطرة النقیة
و هذه الفطرة النقیة هی التی دفعت بالمفكر الفرنسی الكبیر روجیه جارودی الی اعتناق الاسلام، بعد دراسة عمیقة استمرت اكثر من عشر سنوات، ضمن مسیرة و رحلة شاقة، بل و تجربة فكریة و روحیة متباینة متناقضة.. فمن العمل المسیحی البروتستانتی المتحرر.. الی لیبرالیة یساریة اجتماعیة، الی التزام ماركسی كامل متقید بالنظریة و الحزب ثم تخل كامل عن الماركسیة و المادیة.. الی عودة للدین فی جوهره الصافی.. الی اهتمام متزاید بدین الفطرة.. الاسلام كنظام شامل لكل مناهج الحیاة، هذا الاسلام الذی «یمكن فی مستقبلنا اكثر مما یكمن فی ماضینا.. مع رفض الصیغة الراهنة للحضارة العالمیة المادیة..

الی اعتناق كامل و علنی للاسلام دین الفطرة».

یقول جارودی، ما یصلح ردا علی السؤال الذی طرحه ابن حضارته الدكتور كاریل عن سبیل الخلاص للحضارة العالمیة المادیة و ما یقتضیه ذلك من «علوم الانسان؛ و اعادة انشاء الانسان»: «و أخیرا یمكن للاسلام و بربطه كل شی ء بالله، أو بنظرته القائمة علی ارتباط كل شی ء بالله. ای نظرته الی كل ملكیة أو سلطة أو معرفة أو محاكمة عقلیة، نظرة نسبیة، انطلاقا من ربطها بالغائیة الكبری التی تسمو علی كل شی ء فی هذا الوجود. و علی هذا یمكن للاسلام أن یكون خمیرة تحرر و نظال ضد كل أشكال التسلط و العبودیة المفروضة علی الانسان بحجة اطروحات مزیفة تبعده عن أصالته و مركزه» [1] فالاسلام اذن لأنه یخاطب الفطرة الانسانیة؛ فیه علاج الحضارة العالمیة المادیة التی عاقبت الفطرة؛ لأنها لجأت الی حلول من وضع الانسان الذی لا یعرف أبعاد هذه الفطرة الانسانیة، و التی لا یعرفها الا الذی خلقها سبحانه و تعالی.. فالعلاج اذن هو فی الرسالة
الالهیة التی بعثها الله الی خلقه؛ مخاطبا فیها فطرة الانسان؛ و فی هدیها تستطیع الحضارة الجدیدة أن «تعید انشاء الانسان فی تمام شخصیته. الانسان الذی أضعفته الحیاة العصریة و مقاییسها الموضوعة» كما یرید دكتور كاریل من علوم الانسان أن تفعل؟

«فاعادة انشاء الانسان لا یقدر علیها الانسان.. سواء كان ماركسیا أم بهائیا أم علمانیا الخ.. ان الذی خلق الانسان هو الذی یملك أن یعیده، و الذی أنشأه فی أحسن تقویم هو الذی یملك أن یرده الی تقویمه، بعد أن یكون قد هبط الی أسفل سافلین» [2] یقول الله تعالی: «لقد خلقنا الانسان فی أحسن تقویم - ثم رددناه أسفل سافلین - الا الذین آمنوا و عملوا الصالحات» [3] .

ان الذی یحاوله د. كاریل و العلماء المؤمنون من أمثاله، أو الغیورون علی «الانسان» بصفة عامة - اكبر من طاقة الانسان. و هیهات أن ینهض البشر بما هو من خصائص الله..


[1] راجع كتاب «رجاء جارودي و حضارة الاسلام» تأليف أمينة النصاري و عبدالعزيز شرف، القاهرة مكتبة مصر.

[2] سيد قطب: السابق، ص 181.

[3] سورة التين، الآيات 5 - 3.